أشهر ملوك الهند من النساء - الملكة الهندية المسلمة شاهجهان بيكم ملكة بهوبال


أشهر ملوك الهند من النساء 


أشهر ملوك الهند من النساء - الملكة الهندية المسلمة شاهجهان بيكم ملكة بهوبال




الأميرة الهندية المسلمة شاهجهان بيكم ملكة بهوبال


هى نواب شاهجهان بيكم بنت نواب سكندر بنت نواب قدسية بيكم الملكة الفاضلة الباذلة  ، خليفة العصر ، وتاج هامة الفخر ، الرئيس  الأعظم لأعلى طبقات من كواكب الهند ، والية بهوبال المحمية ، وحامية حوزتها السنية  .

مولدها : - 

ولدت  عام 1254هـ الموافق لعام 1838م في قرية “حصن إسلام نكر” التي تبعد ثلاثة فراسخ من مدينة “بهوبال” إحدى المدن الكبرى في الهند ، وهى من قوم أفغان ، وهم من نسل العمالة من أولاد الضحاك التازي ، ونشأت فى حجر أمها الكريمة نواب سكندر بيكم  ،  وظهرت عليها علامات النبوغ مبكراً، مما أهّلها أن تجلس مجلس أبيها "نواب جهانكير محمد خان" و تستمع لما فيه وهي ابنة تسعة أعوام، وقد أتت إليها خُلعة فاخرة من جهة ملكة بريطانيا والهند  .

شئ من سيرتها : -

كانت حسن الخَلق والخُلق ، ولطف الطبع ، وكرم الشيم ، ورفعة الهمة ، ومحاضرة الجواب والشجاعة ، والود للعلماء العاملين بالكتاب والسنة ، وفصاحة اللسان ، وقوة الجَنان ، وسرعة الإدراك ما لا يُعبر عنه وصف ، ولا يأتى عليه حصر ، وكم من قصائد فرائد نظمها أدباءُ الزمان وبلغاءُ العصر من بلاد شتى باللسانين العربي والفارسي ، بل بالهندي أيضا ،  حتى اجتمع منها مؤلف كبير  .
كانت تخرج الزكاة المفروضة بالحساب الصحيح – مع كونها كثيرة – تزيد على آلاف فى كل عام ، وعلى مئة ألف فى أعوام ، وكانت من أكثر النساء صلة للأرحام ، وإن كانوا من الجهلة والأوغاد اللئام  ، وتصلى الصلاة بجماعة النساء فى مسجد البيت ، وتكثر من الصوم والذكر ، وقراءة الحزب الأعظم ، وحصن الحصين  .

 تعليمها  وثقافتها ومؤلفاتها :-

كان يُضرب بها المثل في الذكاء والحفظ والكرم والجود ،فحصّلت على الفنون، وتعلمت الخط والكتابة واللغة الفارسية والإنشاء والشعر، واستفادت أدب الرئاسة والسياسة حتى بزّت في ذلك بين الأقران، وامتازت من بينهم في القدرة على ترجمة القرآن الكريم، وتحرير الرسائل الدينية، وتقرير المسائل الدولية ، حيث قرأت القرآن الكريم مع الترجمة بلسانها وهى على طرف بنانها حفظاً ، وقرأت على زوجها نواب صديق حسن خان القنوجى مشكاة المصابيح ، ومشارق الأنوار ، وبلوغ المرام فى علم الحديث ، وكتبت بيدها الشريفة  كتاب تقوية الإيمان ، وضمان الفردوس ، ونظرت فى رسائل ومسائل من فقة السنة المطهرة وجمعت رسالة فى بعض المسائل  ، ولها كتب مشهورة منها ديوان الشعر بالهندى ، ولها أشعار بالفارسية    ، وتهذيب النسوان  ، ولها كتاب فى السياسة الدولية سمته التنظيمات الشاه جهانية ، وأكثر ضوابط هذا الكتاب توافق الشرع ، وكتاب تاج الأقبال فى تاريخ بهوبال بلسان أوردو فى مجلد مطبوع ، وكتاب خزينة اللغات  .

تولى إمارة بهوبال وحكمها : -

عندما بلغت من العمر 22 عاماً، فوّضت صلاحيات الرئاسة إلى أمها، واكتفت لنفسها بولاية العهد ، وهذا غاية الهمة والجود ، فإنه لا يسمح بذلك إلا القليل النادر ، وعندما توفيت أمها  فى شهر رجب عام 1285هـ الموافق 1868م، جلست على مسند الرئاسة، عام 1288هـ الموافق 1871م   ، فأدارت الإمارة إدارة صالحة وساستها سياسة رشيدة فنشرت فى  البلاد  العدل والرفاهية ، وشمرت عن ساعد الجد وانصرفت إلى انجاز جميع القضايا المتراكمة وعددها 4086 قضية ، وخفضت أسعار الحنطة بإلغاء ضربية الدخل عليها ، وزادت فى رواتب الجنود ، وتجولت فى بلاد إمارتها سنة 1869م لتشرف على حالة الفلاحين بنفسها وتتحقق الشكاوى الكثيرة التى قدمت إليها على موظفى الحكومة ، وأذاعت بياناً قالت فيه : إنها مستعدة لسماع كل من  تقدم إليها ويشتكي أمراً فليتقدم بلا خوف ولا وجل ، وقد اعتادت أن تباشر أعمال الحكومة بنفسها يومياً من الساعة التاسعة حتى الثانية عشرة صباحاً ، وكانت تفض جميع المراسلات بنفسها وتنظر فى أمرها من الساعة الثالثة إلى الساعة السادسة مساء ، وكانت تستقبل الناس سافرة حتى وفاة زوجها الأول سنة 1867م ثم عادت فأسدلت الحجاب لما تزوجها وزيرها العلامة محمد صديق 1871م وعلى الرغم من حجابها كانت تعلم بكل شاردة وواردة من أخبار وشئون بلادها  ، وقضت للقاضى والمفتى بالقضاء والفتيا فى قضاياهم وفتاواهم بما يوافق الكتاب والسنة ولا يخالفهما ، وتعمل بنفسها بالدليل ، ولا تقلد أحداً من أصحاب القال والقيل ، بل تسأل فى كل مسألة فى العبادة والمعاملة ثبتاً بالأدلة ، وتلك خصيصة خصها الله تعالى بها من بين الرؤساء والملوك  .

زواجها من علامة زمانه صديق القنوجى : -

ولما مات زوجها النواب باقي محمد خان ، أردت الزواج من نواب صديق حسن خان القنوجى علامة زمانه وترجمان الحديث والقرآن ومحيي العلوم العربية وبدر الأقطار الهندية ، حيث كان يتردد بحكم منصبه بديوان الإنشاء إليها ويمثل بين يديها ، فألقى الله فى قلب شاهجهان محبته فقربته إليها ، واقترحت عليها الحكومة الإنجليزية بالزواج منه ليساعدها فى شئون الحكومة والإدارة ، فتزوجت به لما عملت من شرف نسبه وغزارة علمه واستقامة سيرته سنة 1288ه  وجعلته معتمد المهام سنة 1288ه ، ومنحته أقطاعاً من الأرض الخراجية تغل له خمسين ألف ربية فى كل سنة ، وخلعت عليه ولقبته الدولة البريطانية الحاكم بالهند لعشر خلون من شعبان سنة 1289ه بلقب  ( نواب والا جاه أمير الملك سيد محمد صديق حسن خان بهادر ) ، ومنحته حق التعظيم فى أرض الهند بطولها وعرضها بإطلاق المدافع سبع عشرة طلقه ، وخلعت عليه بالخلع الفاخرة ، ومنحه السلطان عبد الحميد خان فى سنة 1295ه الوسام المجيدى من الدرجة الثانية ، فألزم شاهجهان بيكم بالحجاب الشرعى ليستبد بأمور الحكومة ويطلق يده فيها ، ثم حقدت عليه الحكومة الإنجليزية واتهمته بتهم متعددة منها التحريض على الجهاد ونشر المذهب الوهابى وخروج أصحابه على الحكومة الإنجليزية ، وغيرها من التهم فمنع من التدخل فى إدارة الحكومة ونظمها ، وتنكرت له الوجوه ، وشمت به الأعداء وهو صابر محتسب وزوجته أميرة البلاد ثابتة على الإخلاص والود والوفاء والاتحاد تبذل جهدها فى نفى هذه التهم وإزالة هذه المحنة  .

إسهاماتها في مجال الوقف والعمل الخيري

كانت صاحبة الفضل والكرم، وربة النعم، فعمَّرت الديار، وأحيت المدارس العلمية، وبنت المساجد العظيمة، وقررت الوظائف الفخمة، وحفرت الآبار، وغرست الحدائق والأشجار، وشيدت المساكن الكبيرة، وقدمت الهدايا والمنح والعطايا في داخل الهند وخارجها، على أهل الفضل من أهل الهند وأهل الحرمين الشريفين واليمن والعراق والشام وغيرها من البلاد ، وأوقفت أرزاقاً كثيرة على الفقراء والمحاويج ، ومنحت العفاة والواردين بمملكتها من الحجاج والغزاة والمسافرين والمساكين من الأقمشة والأموال والبيوت والرواتب الشهرية  ، وأهدت الطلبة الألوف من المصاحف والكتب الدينية ، كما أنها حددت لهم الرواتب الشهرية والكساء والمأوى، وأنفقت مالاً كثيراً على طباعة المصاحف وكتب التفسير والحديث النبوي الشريف واللغة وغيرها من العلوم والفنون ، وأنشأت مطبعة دار بهوبال التي صدرت عنها بعض أمهات الكتب، مثل: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، والسراج الوهاج في كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج، وغيرها الكثير  ،  وكان من أبرز إسهاماتها تأسيس “المدرسة الجهانكيرية” على اسم أبيها في دار مُلكه  ، وأعانت الروم ومرضاهم فى حرب الروس بمئتى ألف ربية من الخزانة العامرة ، وبخمسين ألفاً من خزانة بيتها  .

رحلاتها ومكانتها : -

وفى  شهر رمضان عام 1289ه سافرت إلى بومباى  وهناك حصلت على الخطاب العالي من الدرجة الأولى، والنيشان السلطاني من جهة السلطان عبد الحميد خان الغازي  أحد آخر سلاطين الدولة العثمانية  ، وفيه من الثناء عليها والشكر لها على إعانة الجرحى والمرضى فى حرب الروس  ، ورجعت قريرة العين باعزاز خاص واختصاص عام إلى دار مملكتها  .
وفى أواخر ذى القعدة سنة 1292ه سافرت إلى دار الإمارة كلكتا ولاقت بها البرنس أف ويلز أكبر أولاد ملكة أنجلترا وولى عهدها ، وقد عظمها تعظيما بليغاً وأعطاها تمغة نبيلة وتحائف جليلة ، وكانت قد لاقت قبل ذلك آخاه برنس ايدنبرا ، ورأت من تلقائه تشريفا كبيراً ، وأرسل لها أشياء نفيسة ندرة  .
وفى سنة 1294ه سافرت إلى دهلي وحصلت على النشان القيصرى العظيم الشأن المكتوب عليه العز من الله ، وأعطاها كورنر جنرل سيفاً فرنجياً مع نطاق مطلي وصندوق محلى  .
وفى الاحتفال الكبير والجمع الغفير الذى حضر فيه رؤساء الهند جميعهم قاصيهم ودانيهم ولا يلفى له نظير فى الأزمنة الخالية ، ضرب لها سبعة عشر مدفعاً من جهة ملكة انجلترا فى كل  أرضها المعمولة فيها عند ورودها وصدورها فى تلك البلاد ، وجاء لها خطاب آخر لفظه  The Crown of India وترجمته تاج الهند  .

وفاتها : -

توفيت الأميرة شاهجان بيكم ملكة بهوبال فى 28 من صفر سنة 1319ه  – 16 حزيران  1901 م  فى دار ملكها بولاية بهوبال  .

قالوا عنها : -

قال عنها علامة زمانه صديق القنوجى :- هى جامعة للفضائل التى قلما تجتمع فى رجل فضلاً عن النسوان ، حاوية للفواضل التى قصر دون تبيانها لسان الترجمان ، وهذه ذرة من ميدان مناقبها العلية ، وقطرة من بحار مكارمها الجلية  .

قال عنها ليبل غرفن  LAPEL GRIFFIN   : - أنها أميرة تدير أمور الحكومة من وراء حجاب لكنها تعلم كل صغيرة وكبيرة من أخبار البلاد ، وهى بلا استثناء أقدر امرأة فى الهند فى عصرها وبالحقيقة إن مقدرتها الطبيعية تفوق مقدرة كثيرين من الأمراء الرجال الذين يحكمون وهى سريعة الخاطر جداً حتى إن من يخاطبها يجب أن يكون على جانب عظيم من الذكاء ليستطيع مجاراتها فى الحديث  .

مصدر هذا المقال : -

( 1 ) مجلة المنار – لمحمد رشيد رضا -  العدد الرابع

( 2 ) الإعلام بمن فى تاريخ الهند من الأعلام المسمى بنزهة الخواطر ويهجة المسامع والنواظر – للعلامة عبد الحى الحسينى  -دار ابن حزم – الطبعة الأولى 1420ه / 1999م

( 3 ) التاريخ المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول – العلامة محمد صديق القنوجي – إصدارات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – دولة قطر- الطبعة الأولى 1428ه / 2007م
( 4 ) هدية العارفين فى اسماء المؤلفين وآثار المصنفين -إسماعيل باشا البغدادى -طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة فى مطبعتها البهية – إسطنبول 1951م
( 5 ) أعلام النساء فى عالمى العرب والإسلام – تأليف عمر رضا كحالة  - مؤسسة الرسالة للطباعة والتوزيع – بيروت لبنان
 ( 6 ) معجم تراجم أعلام الوقف – الأمانة العامة للأوقاف – الكويت 1435ه / 2014م – الطبعة الأولى
( 7 ) ابجد العلوم الوشى المرقوم فى بيان أحوال العلوم الجزء الثالث – لصديق بن حسن القنوجي – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان 


تعليقات