المقال الرابع : - الرحالة السورى عبد الرحمن الكواكبى

الرحالة السورى عبد الرحمن الكواكبى 



مصر ، سوريا ، مغادرة ، رحلات ، أفريقيا ، أعمال ، الصحف ،  مقالات ، النجاح ، النحلة ، المصباح ، صحيفة ، رسائل  ، رسالة ،  كتب ، كتاب ، طبائع الاستبداد ، الوباء ، المقال،  مصدر
مصر ، سوريا ، مغادرة ، رحلات ، أفريقيا ، أعمال ، الصحف ،  مقالات ، النجاح ، النحلة ، المصباح ، صحيفة ، رسائل  ، رسالة ،  كتب ، كتاب ، طبائع الاستبداد ، الوباء ، المقال،  مصدر
مصر ، سوريا ، مغادرة ، رحلات ، أفريقيا ، أعمال ، الصحف ،  مقالات ، النجاح ، النحلة ، المصباح ، صحيفة ، رسائل  ، رسالة ،  كتب ، كتاب ، طبائع الاستبداد ، الوباء ، المقال،  مصدر


تمهيد : -

بعد أن تعرفنا فى المقال السابق عن مواطن الخلاف التى حدثت بين عبد الرحمن الكواكبى والدولة العثمانية ممثلة فى ولاة حلب ، سوف نتحدث فى هذا المقال عن رحلة الكواكبى إلى مصر ، وعلاقة بالخديو عباس حلمى الثانى  ، ومؤلفاته ومقالاته ثم نقتبس بعضاً من كلماته ، ثم وفاته ،  وأخيراً ماذا قالوا عنه .

رحلة عبد الرحمن الكواكبى إلى مصر : -

لما عزم الكواكبى على السفر إلى مصر نصحه صديقه كامل الغزى حيث يقول :-  وكنت عالماً بكتابة جمعية أم القرى  ، وقد شعرت منه العزم على طبعه ، فوقع فى نفسى أنه سيعرج على مصر لطبعه ونشره ، إذ لا يمكنه أن يطبعه فى غيرها ، وحذرته من ذلك وقلت له إياك يا أخى والسفر إلى مصر فإنك متى دخلتها تعذر عليك الرجوع إلى وطنك ، لأنك تعد فى الحال من الطائفة المعروفة باسم ( جون ترك ) لا يتأخر وسمك بهذه السمة قيد لحظة لما اشتهرت وعرفت به من شدة المعارضة وانتقاد الأحوال الحاضرة ، فقال لم أعزم إلا على السفر إلى إستطنبول للغرض الذى ذكرته لك ، ثم ودعنى ومضى.
غادر عبد الرحمن الكواكبى سوريا فى 22 رجب 1316ه / 1899م وهو فى السابعة والأربعين من عمره  ، وكانت مصر يومئذ تحت حكم الخديوي عباس حلمي الثاني، ولم يكن على وفاق مع السلطان العثمانى ، وجعل هذا التناقض من مصر عاصمة وكعبة لكل المفكرين الأحرار، ولجماعات العرب الثائرة ضد العثمانيين  ، فاستقبل الكواكبى استقبالاً حافلاً ، وسرعان ما شارك فى الحركة القومية وانضم عضواً فى جمعية الكتاب
فلما وصل الكواكبى مصر سكن فى شارع الحسين بالقرب من الأزهر وراح يقرأ ويحرر وينشر حتى عُرف فى مصر واشتهر أمره ، فالتف حوله جماعة من أدباء الأتراك يزعمون أنهم من طائفة جون ترك ، وما هم فى الحقيقة إلا جواسيس يرقبون حركاته وسكناته ويكتبون بها إلى المابين كتاب القصر العثمانى )  ، وانضم الكواكبى إلى أخوانه وأصدقائه السوريين الفاريين قبله وقامت بينهم الصحبة واللقاء ، وكانوا يجتمعون كل مساء فى مقهى سبلنددبار بالقاهرة ، ومنهم الشيخ رشيد رضا ، ومحمد كرد على ، وإبراهيم سليم النجار ، وطاهر الجزائرى ، وعبد القادر المغربى ، ورفيق العظم ، وعبد الحميد الزهراوى ، وبعض الصحفيين ، وكلهم مشهورون فى البلاغة والبيان والكتابة والفكر   .
وفى مصر وجد عبد الرحمن الكواكبى المناخ الحر ، والجو الصحى الذى يتيح له ، لا مجرد نشر أصول ومسودات الفصول والموضوعات التى جاء بها من حلب فقط بل فرصة سانحة لإدخال التعديلات والإضافات التى ما كان له أن يفكر فى إدخالها وإضافتها وهو فى حلب ظل العثمانيين  ، فقام بنشر كتابه أم القرى وقد ألفه حين كان بحلب وبيضه له ولده أسعد  ، حيث قال عنه رشيد رضا  أنه توسع فيه ونقحه ست مرات ، وقال له الكواكبى : إن الإنسان يتجرأ أن يقول ويكتب فى بلاد الحرية ما لا يتجرأ عليه فى بلاد الاستبداد ، بل أن بلاد الحرية تولد فى الذهن من الأفكار والآراء ما لا يتولد فى غيرها   ، وطبع كتاب آخربأسم  طبائع الاستبداد  ، وكان قد نشره كفصول فى جريدة المؤيد ،  فى مقالات متفرقة بعنوان الرحلة كاف  ، ثم شهد تعديلات وزيادات فى مرحلة ثانية عندما حوله إلى كتاب ، ثم فى مرحلة ثالثة قبل أن يموت  ،  فقامت  لهما ضجة عظيمة فى إسطنبول وصدرت الأوامر السلطانية بمنع دخولهما إلى الممالك العثمانية ، ولكنه وصل خفية إليها ، حيث وصل إلى حلب كما يقول كامل الغزى  ( أنه كان هو وأصدقائه فى حلب  يقرأناهما خفية فى سمرهم  ) ،  وتابع الكواكبى  نشر مقالاته فى الصحف المصرية  ،  وأخذت جريدة المؤيد والمنار تفسح له صفحاتهما لنشر مقالاته  ، وأخذ ينشر مقالات عن الاستبداد لا يوقعها باسمه وأنما اتخذ لنفسه رمز الرحالة كاف ، ولكن الأوساط الأدبية والثقافية عرفت أنه الكواكبى صاحب هذه المقالات فأقبلت عليه وعلى مقالاته  ،واستغل الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على مصر في ذلك الوقت نزعة الكواكبي العدائية للعثمانيين لتحقيق مآربهم الخاصة في المنطقة  .

الخديو عباس حلمى الثانى وعبد الرحمن الكواكبى : -

كان الخديو عباس حلمى الثانى يطمع فى الخلافة الإسلامية يريد أن يتولاها بدلا من السلطان عبد الحميد ، وكان يقرب إليه الأحرار السوريين الذين ناصبوا العداء للسلطان العثمانى  ، وكان الخديو أملا للقطاعات الأساسية فى الحركة الوطنية المصرية ، عندما كان ينازع الإنجليز السلطان ، ولا يسير فى فلك العثمانيين على النحو الذى يريدون ، وكان الكواكبى يرى فى أسرة محمد على ككثير من الحكام والأسر المالكة غير العربية الذين ما لبثوا أن استعربوا ، وتخلقوا بأخلاق العرب ، وامتزجوا بهم وصاروا جزء منهم وكان يرى أنهم أفضل من العثمانيين  ، ولما طبع كتاب أم القرى أرسل  الكواكبى نسختين إلى الخديوى  فى الإسكندرية ، ونسخة إلى الشيخ محمد عبده ، والثالثة إلى الشيخ على يوسف ، وقد سر الخديوى بالكتاب فطلب إلى الشخيين أن يسعيا للتعرف على صاحب الكتاب الذى لم يذكر اسمه عليه ، ومنذ ذلك الوقت نشأءت صداقة بين الخديوى وعبد الرحمن الكواكبى  ، وأجرى له راتب شهرى قدره خمسون جنيهاً مصرياً  ، ولكن حفيده ينكر ذلك مؤكد أن عمه الكاظم أكد لهم أن إنفاقه وأباه كان مما حملاه معهما من قيمة رهن الدار ثم من وارد الصيدلية  ، واستمرت العلاقة طيبة بين الكواكبى والخديوى إلى أن دعاه لمرافقته والسعى لمصالحة السلطان والذهاب معه إلى الآستانة حيث كان قد عقد اتفاق بين أسرة محمد على والسلطان العثمانى وتعهد الخديوى بعدم مساعدة أعداء السلطان والدولة العلية ،  ورفض الكواكبى الذهاب مع الخديوى  .

رحلات عبد الرحمن الكواكبى: -

الرحلة الأولى : -  زار فيها السودان ووصل إلى سواحل أفريقيا الشرقية وزار زنجبار والحبشة وعاد بعدها إلى مصر ليستأنف رحلته الثانية  .

الرحلة الثانية : - زار فيها الحجاز وصحراء الجزيرة العربية واليمن ومنها سار إلى  سواحل آسيا الجنوبية والهند  وبلغ جاوة ، وطاف بالسواحل الجنوبية للصين ، ووصل ميناء كراتشى  حيث عاد على ظهر سفينة حربية ايطالية بتوجية من وكيل ايطاليا السياسى فى مسقط فطافت به سواحل بلاد العرب وسواحل أفريقيا الشرقية ، وهناك اجتمع مع الأمراء وشيوخ القبائل وعرف استعداهم الحربى والأدبي وعرف حالة البلاد الزراعية وعرف كثيراً من معادنها حتى أنه استحضر نموذجاً منها  ، لدراستها من قبل المتخصصين لمعرفة الثروات المعدنية التى تحتويها الجزيرة ، ومن بينها زيت النفط   ، ومن آثار رحلته دراسته عن الرق ، ولقد أودع الكواكبى نتائج رحلته هذه التى استغرقت ستة أشهر أصول كتاب لم تمهله المنية حتى يخرجه إلى النور ، وضاعت هذه الأصول والصفحات مع ما ضاع من مخطوطاته  .

هنا يتضح عدة أمور منها

( 1 ) أن الكواكبى يعتبر أول سائح فى العالم يجتاز الربع الخالى فى الجزيرة العربية ماراً بعرب الصحراء ليجتمع بالشيوخ والأمراء ، صاعداً من عمان متوغلاً حتى أعالى الخليخ ، ملتفاً إلى البلاد الآسيوية الوسطى ، وإنه ركب الجمال فى مسيرته  .
( 2 ) تحدث الكواكبى مع الأمراء وشيوخ العرب فى الشئون العسكرية لمعرفة مدى قدرتهم على القتال ، وليحرضهم على الثورة ضد الأتراك  .
( 3 ) اهتمام الكواكبى بالشؤون الإقتصادية والجيولوجية لبلاد العرب وجمعه نماذج من معادنها وجلبها معه لدراستها ،وهذا يدل على الفكر الموسوعى الشامل لدى الكواكبى  .
( 4 ) قيل أن ايطاليا هى التى يسرت للكواكبى رحلته لأنها كانت تطمع فى نجاح المسعى بخلع الخلافة الإسلامية من تركيا وأنها كانت تطمع فى بسط نفوذها الإستعمارى على شؤاطى البحر الأحمر ، ويستند أصحاب هذه الرواية إلى اجتماع الكواكبى أثناء رحلته بالقنصل الإيطالى فى الحديدة باليمن وتنقله على ظهر سفينة حربية ايطالية بتوصية من معتمد ايطاليا السياسى فى مسقط ، ولكن الملم بأخلاق الكواكبى ومبادئه التى عاش من أجلها لا يؤيد هذا الرأى بأن الكواكبى يقبل أن يكون عميلاً لدولة أجنبية  ، وكذلك ذكر حفيد الكواكبى أن وكيل إيطاليا فى مسقط كان صديق وجار للكواكبى حيث كان بيته فى حى الجلوم بحلب من آل سولا الإيطالى الأصل الحلبى الولادة والإقامة والذى أضحى قنصل بلاده فى مسقط كما أضحى قريبه أو أخوه قنصلاً فى الحديدة  .
( 5 ) يتحدث حفيد الكواكبى على أن جده الكواكبى اتصل بالزعيم الإشتراكى فلاديمير لينين وقد قابله فى إحد بلاد آسيا الوسطى أثناء رحلته ويستدل برسالة من لينين إلى جده وهو فى مصر وقد صادرت مع أوراقه المصادرة ونقلت إلى المابين السلطانى ، وقد اطلع عليها الزعيم الراحل إحسان الجابرى واستغرب على وجودها فى الأرشيف العثمانى ، وكذلك يستدل أن لينين طبع أول أعداد جريدة حزبه الشيوعى ( باسم  إسكرا  ) أى الشرارة ، فى إحدى بلدان آسيا الوسطى بعيداً عن أيدى السلطة القيصرية  والتى كانت  بعنوان تحذيرى مشهور وهو : من هذه الشرارة سينطلق اللهيب ، وبناءاً عليه  يخمن بأن العبارة التحذيرية التى كتبها عبد الرحمن الكواكبى بعد عودته من هذه الرحلة كشعار لكتابه طبائع الإستبداد  تعادل عبارة نشرة الإسكرا ، وهى : كلمات حق وصيحة فى واد ، إن ذهبت اليوم مع الريح فلقد تذهب غداً بالأوتاد ، بعد أن كانت مقالاته عن طبائع الإستبداد قبل الرحلة خالية من العبارة التحذيرية  .

أعمال ومؤلفات عبد الرحمن الكواكبى :-  

مقالات  الكواكبى فى الصحف :-

مقالات صحيفة المؤيد :- 

نشرت صحيفة المؤيد مقالات لعبد الرحمن الكواكبى  كانت عبارة عن صورة أولية لما نشره بعد ذلك فى كتاب أم القرى ، ثم كتب مقالات كثيرة كانت الأفكار الأولية لما جاء فى طبائع الاستبداد

مقالات صحيفة المنار :-

نشرت صحيفة  المنار مقالاً بينت فيه أنه من آثار الكواكبى ، كتبه بعد سياحته الأخيرة إلى بعض البلدان العربية والإسلامية وهو بعنوان تجارة الرقيق وأحكامه فى الإسلام بتاريخ 16 ذى القعدة 1323ه / 11 -1-1905م  .

مقالات صحيفة العمران : -

 كتب عبد الرحمن الكواكبى سلسلة مقالات  فى صحيفة  العمران  ، كان أولها بعنوان العلم فى العدد الثانى بتاريخ 5-4-1902م من دون توقيع  ، ومقال بعنوان المجد والتمجد فى العدد الثالث من العمران بتاريخ 12- 4 -1902م  .

مقالات صحيفة النجاح : -

صحيفة  النجاح  هى صحيفة  بيروتية نقلت مقالاً عن صحيفة حلب الرسمية (  فرات  ) فى العدد 33 بتاريخ 24 آذار / مارس 1872م ، ونسبة جان داية إلى الكواكبى قائلاً المقال يجب أن يكون بقلم الكواكبى الذى حرر هذه الجريرة لمدة خمس سنوات  .

مقالات صحيفة النحلة : -

كانت صحيفة  النحلة   تصدر فى بريطانيا ، نشر  عبد الرحمن الكواكبى  مقالين  فى  صحيفة النحلة  تحت عنوان حلب بتوقيع وصفته النحلة بأنه مكاتبنا غير الإعتيادى ، وذلك بتاريخ 1 ابريل 1879م ، وعلقت على المقالين بقولها إنها أهملت جانباً من تلك الرسالة لأنه يتهم رجال الدولة والقناصلة من دون تقديم دليل ، وقد لاحظ جان داية أن هذين المقالين يشبهان افتتاحية الكواكبى فى الشهباء العدد الخامس الصادر فى كانون الأول / ديسمبر 1877م  .

مقالات  صحيفة  الأهرام : -

 كتب عبد الرحمن الكواكبى فى  صحيفة  الأهرام مقالة عنوانها حلب الشهباء بتاريخ 12 حزيران / يونيو 1879م من دون توقيع  .

مقالات  صحيفة  المصباح :-

كانت صحيفة  المصباح   تصدر فى لبنان فيها مقالة أدرجت تحت عبارة مراسلات حلب 19 آذار فى العدد 326 بتاريخ 24 آذار / مارس 1883م بتوقيع الإمضاء محفوظ  .

مقالات صحيفة لسان العرب :- 

 نشرت صحيفة  لسان العرب مقالة تحت عنوان (  أحب شئ إلى الإنسان ما مُناعا ) ، فى العدد 323 من لسان العرب بتاريخ 28 آب / أغسطس 1895م بتوقيع أحد الأفاضل الحلبيين ، ومقالة أخرى تحت عنوان أحمد مختار باشا – معتمد الحكومة التركية فى مصر فى العدد 328بتاريخ 4 أيلول / سبتمبر 1895م بالتوقيع نفسه  .

مقالات صحيفة المقطم : -

نشرت صحيفة  المقطم مقالتان : الجامعة الإسلامية – الفصل الأول فى العدد 3148 بتاريخ 5 آب / أغسطس 189م بالتوقيع ذاته ، فلما رد عليه محمد رشيد رضا على المقالتين ، رد صاحبهما على الرد بتاريخ 26 آب / أغسطس وبالتوقيع نفسه ، وجان داية يرجح أن هذه المقالات هى للكواكبى  .

رسائل  عبد الرحمن  الكواكبى  - :  ومن  أهم  رسائل  عبد الرحمن الكواكبى 

( أ ) رسالة بعث بها من اسطنبول إلى ولده أسعد فى شوال 1312ه / 1895م

( ب ) رسالة بعث بها إلى ابنه أسعد فى اسطنبول بتاريخ 26 ذى الحجة 1314ه/1897م

( ج ) رسالة بعث بها على ولديه أسعد ورشيد فى 12 شعبان سنة 1319ه / 1901م

كتب عبد الرحمن الكواكبى : -  ومن أهم كتب عبد الرحمن الكواكبى ما يلى :-

كتاب أم القرى :

ألف  عبد الرحمن الكواكبى كتاب أم القرى  فى حلب ونشره لأول مرة فى مصر سنة 1318ه / 1900م ، وعنوان الكتاب هو أم القرى / وهو ضبط مفاوضات ومقررات مؤتمر النهضة الإسلامية المنعقد فى مكة المكرمة سنة 1316ه وقد تخيل فيه الكواكبى أن مؤتمراً عقد فى مكة للتداول فى أحوال المسلمين فى بلادهم وأسباب تأخرهم ، وقد حضر هذا المؤتمر ممثلون عن جميع الأقطار الإسلامية ، حتى أن سكان ليفربول المسلمين قد أرسلوا من يمثلهم فى هذا المؤتمر ، وقد اسندت الرئاسة للعضو المكي ، وعهد أمانة السر إلى السيد الفراتى  .
وتظهر أهمية كتاب أم القرى فى كونه أول دراسة عربية وإسلامية عن أوضاع العرب والمسلمين فى الشرق ، تصف تأخرهم عن ركب الحضارة وتضع النقاط على الحروف فى أسباب ذلك التخلف وتنير الطريق للقضاء على هذا التخلف ، كذلك يحتوى كتاب أم القرى على الجدول السرى ( الشيفرة ) الرقمية والهجائية التى وضعها الكواكبى فى أواخر أم القرى مرة بأسطر رقمية ومرة بأسطر أحرف هجائية ، يقول عنها إنها بيان سري لجمعية أم القرى سيكشفه الزمان ، كما وضع طريقة لتبادل الرسائل الجفرية أوضحها بجدول من الأسطر الجفرية موضحاً طريقة الكتابة وطريقة الحل بالمفتاح الذى يتفق عليه المتراسلون  .

كتاب  طبائع  الاستبداد : -

كتب عبد الرحمن  الكواكبى  كتاب طبائع الاستبداد فى حلب على مسودات لم تجمع فى كتاب ، حملها معه إلى مصر فى هجرته ، وقدمها مقالات للصحف القاهرية ،  ثم جمعها وطبعها طبعة أولى ما لبث أن عززها بطبعة ثانية لنفاد الأولى ، وقد بيضها ابنه أسد وطبعت فى بيروت عام 1973م ، وقد أدرجها الدكتورة عمارة فى الأعمال الكاملة للكواكبى بطبعة 1975م ، وسلمت النسخة الخطية التى هى من خط الكواكبى إلى دائرة الوثائق التاريخية بدمشق .

كتاب طبائع الاستبداد هو دراسة فلسفية للإستبداد والحكم الفردى للمستبد ولمعنى الحرية والطرق التى يتبعها المستبد فى سبيل كبت الحرية إخضاع أفراد الرعية لمشيئته ، والوسائل التى يعتمدها المستبد فى هذا السبيل من تعميم الجهل وتعميم ممارسة العيبيات من طرق صوفية وأذكار راقصة وسواها وتسخير الدين لخدمة السلطان بواسطة رجال أضفى عليهم صفات رجال الدين مما لا يقره الدين الإسلامى الذى ليس فيه صفة رجل دين ولا هو يجيز تسلط هؤلاء المتسمين بهذه الصفة . 

اشتمل كتاب طبائع الاستبداد على نظرية الإشتراكية ومكانها من التشريع الإسلامى مؤكداُ على أن العرب هم أولى الأمم بالمعيشة الإشتراكية ، فكان لبحثه هذا النظام الإقتصادى أولوية فاقت أولويات المنادين بالنظرية بشكل فوضوى غير مقنن فى أوربا  .

يحصر الكواكبى بحثه فى  كتاب طبائع الاستبداد فى العناوين التالية طبيعة الاستبداد ، لماذا يكون المستبد شديد الخوف ؟ ، ما تأثير الاستبداد على الدين ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى العلم ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى المجد ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى المال ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى الأخلاق ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى الترقى ؟ ، ما تأثير الاستبداد فى التربية ؟ ، من هم أعوان المستبد ؟ ، هل يتحمل الاستبداد وكيف يمكن التخلص منه ؟ ، بماذا ينبغى استبدال الاستبداد ؟ ، ما هى طبائع الاستبداد ؟ 

بعض أقوال الكواكبى فى  كتاب  طبائع الاستبداد :-  

الاستبداد أشد من الوباء : -  

الاستبداد داء أشد وطأة من الوباء ،  أكثر هولاً من الحريق ، أعظم تخريباً من السيل ، أذل للنفوس من السؤال  ، داء إذا نزل سمعت أرواحهم هاتف السماء ينادى : القضاء القضاء ، والأرض تناجى ربها بكشف البلاء ، كيف لا تقشعر الجلود من الاستبداد ، وعهده عهد أشقى الناس فيه العقلاء والأغنياء ، وأسعدهم بمحياه الجهلاء والفقراء ، بل أسعدهم أولئك الذين يتعجلهم الموت فيحسدهم الأصحاء  . 
لو كان الاستبداد رجلاً وأراد أن يحتسب وينتسب لقال : أنا الشر ، وأبى الظلم ، وأمى الاساءة ، وأخى الغدر ، وأختى المسكنة ، وعمى الضر ، وخالى الذل ، وابنى الفقر ، وبنتى البطالة ، ووطنى الخراب ، وعشيرتى الجهالة  .
يعيش الإنسان فى ظل العدالة والحرية نشيطاً على العمل ، أما أسير الاستبداد فيعيش خامداً خاملاً ضائع القصد ، حائراً لا يدرى كيف يميت ساعاته وأوقاته ، ويدرج أيامه وأعوامه ، كانه حريص على بلوغ أجله ليستتر تحت التراب  .
الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان حتى أنه قد مكن بعض القياصرة والملوك  الأولين من التلاعب بالأديان تأييداً لاستبدادهم

صحائف قريش : -

هو تذييل لكتابة الأول أم القرى تضمن على ما يظهر نخبة من فصول الصحيفة الدورية التى أشار فى الكتاب إلى اتفاق الجمعية على إصدارها ، وقد أوصى المؤلف قرأءه أن ينتظروها ويحفظوها : فمن يظفر بنسخة من هذا السجل فليحرص على إشاعته بين الموحدين ، وليحفظ نسخة منه ليضيف إليه ما سيتلوه من نشريات الجمعية باسم صحائف قريش التى سيكون لها شان إن شاء الله فى النهضة الإسلامية العلمية والأخلاقية ، ولم يطلع أحد من زملائه فى القاهرة على هذه الصحائف ولا ورد من أخباره فيها أنه طبع صحيفة منها حيث كان يطبع كتبه ورسائله ،  ولكن ابنه الدكتور محمد أسعد قال إن الكتاب كان معداً للطبع ولكن حال دون ذلك سياحته الطويلة ،ثم وقوع الوفاة الفجائية ،فصودرت مع الأوراق وأرسلت هدية إلى السلطان.

كتاب  العظمة لله  : -  فهو كتاب سياسى كسائر ما خطته يمينه  .

كذلك من أعماله المفقودة أمراض المسلمين والأدوية الشافية لها ، وأحسن ما كان فى أسباب العمران  ، ماذا أصابنا وكيف السلامة ،  الأنساب ، الرسائل التى كان يرسلها للسلطان عبد الحميد ويشكو فيها طغيان والى حلب جميل باشا  .

وفاة عبد الرحمن الكواكبى  : - 

توفي في القاهرة يوم الجمعة 6 ربيع الأول 1320ه / 1902 م  ،  حيث دفن فيها، وقيل عن سبب وفاته أنه دُس إليه سم من قبل أعدائه، بعد شرب قهوة في أحد مقاهي القاهرة وكان بصحبة مجموعة من المثقفين، وقيل أن وفاته كانت نتيجة ذبحة صدرية كما تشير الأعراض التي صاحبت وفاته كوجع الذراع وألم الجانب الأيسر، وما جاء في النبأ الأخير عن إصابته بنوبة قلبية خفيفة تلتها نوبة الوفاة، وربما كان للإعياء من أثر القيء فعله في تحريك عوارض النوبة وتعجيل القضاء المحتوم ، وضريحه في مثواه الأخير بباب الوزير، نقلته إليه مصلحة التنظيم بعد وفاته بنحو خمس عشر سنة ، و رثاه كبار رجال الفكر والشعر والأدب في مصر. 

وعلى  صفحته المرمرية نقش على قبره بيتان لحافظ إبراهيم:

هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى                
                                 هنا خير مظلوم هنا خير كاتب
قفوا وأقرءوا أم الكتب وسلموا                           
                                 عليه فهذا القبر قبر الكواكبي

ورثاه مصطفى صادق الرافعى بقصيدة طويلة قال فيها  : -

                       سلوا حامليهِ هل رأوا حولَ نعشهِ                                               
     ملائكةَ من حارب خلف حاربِ
 وهل حملوا التقوى إلى إلى حفرةِ الثرى                     
                            وساروا بذاكَ الطودِ فوقَ المناكبِ
وهل اغمدوا في قبرهِ صارماً إذا                               
                          تجردَ راعَ الشرقَ أهلُ المغاربِ
فكم هزَّهُ الإسلامُ في وجهِ حادثٍ                           
                         فهزَّ صقيلَ الحدِّ عضبَ المضاربِ
أرى حسراتٍ في النفوسِ تهافتتْ                          
                       لها قطعُ الأحشاءِ من كلِّ جانب

قالوا عنه : -

محمد رشيد رضا : - رجل عظيم من رجال الإصلاح الإسلامى وعالم من علماء العمران وحكيم من حكماء الإجتماع البشرى ، السائح الشهير، والرحالة الخبير، السيد الشيخ عبد الرحمن الكواكبي الحلبي مؤلف كتاب (طبائع الاستبداد) وصاحب (سجل جمعية أم القرى) الملقب فيه بالسيد الفراتي  
وصفه المؤرخ على فكرى :- هو سياسى محنك مع الساسة ، وعمرانى إجتماعى مع علماء العمران ، وعالم دينى مع علماء الدين  .
قال عنه الأستاذ كامل  الغزى : - كان كريم اليد لا قيمة للمال عنده ، ولوعاً بالتفضيل على أقرانه وخلانه ، يأنف من الكذب والتدليس والغيبة والنميمة ، ويأبى الخضوع لأهل المجد الباطل ، وكان لا يرى هدفاً يصوف إليه سهام الطعن والتنديد غير أعاظم الرجال كالولاة والمتصرفين الذين ساءت سيرتهم وقبحت أعمالهم ، وهو يعتقد بأن الإصلاح يجب أن يبدأ بالرأس ، فإذا تم صلاحه تبعه الجسد فصلح كله

قال عنه السيد إبراهيم سليم النجار :-  كان فى نحو الخمسين من سنيه غير أنه كان كبير النشاط ، سريع الحركة شديد العزم ،  يتكلم بشئ من الشدة والحزم ، ولو لم يكن شيخاً ديناً لكان قائد جيش فاتح ، فلقد كان فى الحقيقة ثورياً بروحه وميوله ، وكثيراً ما كان يقول لى : لو ملكت جيشاً لقلبت حكومة عبد الحميد فى أربع وعشرين ساعة  .
مصدر هذا المقال : - 
مصادر كتابة  مقال ترجمة السيد عبد الرحمن الكواكبى  هى على النحو التالى : - 
 ( 1 ) محمد رشيد رضا: مصاب عظيم بوفاة عالم حكيم، مجلة المنار-  الجزء الخامس – المجلد الخامس
 ( 2 ) عبد الرحمن الكواكبى الرحالة : – عباس محمود العقاد – دار نهضة مصر للطباعة النشر – الفجالة  -القاهرة – رقم الإيداع 5799 / 1986
( 3 ) عبد الرحمن الكواكبى – تأليف دكتور محمد عبد الرحمن فرج – الهئية المصرية العامة للكتاب – دار التأليف والنشر 1972م
( 4 ) عبد الرحمن الكواكبى شهيد الحرية ومجدد الإسلام – الدكتور محمد عمارة – دار الشروق – القاهرة – الطبعة الأولى 1984م – الطبعة القثانية 1988م – الطبعة الثالثة 2007م
( 5 ) عبد الرحمن الكواكبى فارس النهضة والأدب – دراسة – من منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق 2001م
( 6 ) عبد الرحمن الكواكبي وفلسفة الاستبداد – سمير أبو حمدان – الشركة العالمية للكتاب – دار الكتاب العالمى  - بيروت – لبنان – جميع الحقوق محفوظة 1992ه / 1413ه
 ( 7 ) عبد الرحمن الكواكبى السيرة الذاتية – بقلم الحفيد القاضي سعد زغلول الكواكبي - الطبعة الأولى 1998م – الناشر – بيسان للنشر والتوزيع – بيروت – لبنان
( 8 ) عبد الرحمن) الكواكبى 1854 – 1902م بقلم الدكتور سامى الدهان – دار المعارف
 ( 9 ) الأعمال الكاملة للكواكبي – الدكتور محمد جمال طحان – مركز دراستا الوحة العربية – الطبعة الأولى 1995م – الطبعة السابعة 2006م
 ( 10 ) نهر الذهب فى تاريخ حلب لمؤلفه الفقير غليه تعالى كامل بن حسين بن محمد بن مصطفى الحلبى الشهير بالغزي – طبع فى المطبعة المارونية بحلب
( 11 ) الكواكبى المفكر الثائر – اسهام فى دراسة الإسلام الحديث – للمستشرق الفرنسى نوربير تابييرو – ترجمة على سلامة – منشورات دار الآداب – بيروت – الطبعة الثانية 1981م
( 12 ) إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء – تأليف محمد راغب الطباغ الحلبي – منشورات دار القلم العربي – حلب – الطبعة الأولى 1341ه – 1923م – الطبعة الثانية 1408ه – 1988م
( 13 ) ديوان مصطفى صادق الرافعى ، وشرحه محمد كامل الرافعي – طبع بمطبعة الجامعة بالاسكندرية سنة 1322ه

( 14 )  ديوان حافظ إبراهيم ضبطه وصححه وشرحه ورتبه أحمد أمين ، أحمد الزين ، إبراهيم الإبيارى – الهئية المصرية العامة للكتاب 1987م – الطبعة الثالثة
( 15 ) أعلام  النهضة العربية الإسلامية فى العصر الحديث – صلاح زكى أحمد – مركز الحضارة العربية – القاهرة -  الطبعة الأولى – القاهرة 2001 م



تعليقات